2025-07-04
في زحمة الحياة وصخبها، نبحث جميعًا عن ملاذ آمن، عن مكان نجد فيه الراحة والطمأنينة. واحتواء القلب هو ذلك الملاذ الذي لا يحتاج إلى جدران أو أبواب، بل يكفي أن تلتقي عينان تعكسان التفاهم، أو أن تسمع كلمة صادقة تلامس شغاف الروح.
دنيا مختار، بقلمها الشاعري العميق، تأخذنا في رحلة إلى أعماق النفس الإنسانية، حيث تصف الاحتواء ليس مجرد كلمة عابرة، بل هو شعور يغمرك كالنسيم العليل في يوم قائظ. الاحتواء هو أن تشعر بأنك لست وحيدًا، حتى لو كنت في وسط زحام، هو أن تعرف أن هناك قلبًا ينبض من أجلك، يسمع همساتك قبل أن تنطق بها.
في عالم يزداد فيه الانفصال رغم توافر وسائل الاتصال، يصبح الاحتواء نادرًا كالجوهرة الثمينة. كم منا يشعر بالوحدة وهو محاط بعشرات الأشخاص؟ وكم منا يبحث عن كتف يحتمي به عندما تضيق به الدنيا؟ دنيا مختار تذكرنا بأن الاحتواء الحقيقي لا يكون بالكلمات وحدها، بل بالأفعال، بالصمت الذي يفهم، بالنظرة التي تحتضن، بالوجود الذي لا يشترط شيئًا.
قد يكون الاحتواء بين الأم وطفلها، حيث تشعره بأن العالم مكان آمن. وقد يكون بين الأصدقاء، عندما يصغي أحدهم للآخر بقلب مفتوح دون حكم مسبق. أو بين الحبيبين، حين يصبح الوجود المشترك ملجأ من عواصف الحياة. الاحتواء هو اللغة التي يفهمها الجميع دون حاجة إلى ترجمة، هو الضوء الذي يبدد الظلام الداخلي.
في النهاية، كما تقول دنيا مختار، فإن القلب الذي يحتوي قلبًا آخر هو القلب الذي يعرف معنى الإنسانية الحقيقية. فلتكن قلوبنا أوعية للحب والتفهم، ولنمنح الآخرين شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم أبدًا. لأن الاحتواء هو أجمل هدية يمكن أن نقدمها في عالم يحتاج إلى المزيد من الدفء.
القلب هو ذلك العالم السري الذي يحمل في طياته كل المشاعر والأحاسيس، فهو ليس مجرد عضلة تضخ الدم في الجسد، بل هو مركز العواطف والأحلام. وعندما نتحدث عن “احتواء القلب”، فإننا نتحدث عن فن فهم الذات والآخرين، عن القدرة على أن نكون ملاذاً آمناً لمن نحب، وأن نمنحهم المساحة الكافية ليعبروا عن أنفسهم دون خوف أو قيود.
احتواء القلب يعني أن نتعلم كيف نستمع بصدق، ليس فقط بأذنينا، بل بكل كياننا. أن نضع أنفسنا مكان الآخر ونحاول أن نشعر بما يشعرون به. فالقلب الذي يحتوي هو قلب واسع، لا يمل من العطاء، ولا يضيق بالضعف البشري. إنه القلب الذي يعرف أن الكمال ليس شرطاً للحب، وأن الأخطاء جزء من رحلة النمو.
في علاقاتنا، كثيراً ما نبحث عن الشخص الذي يستطيع أن يحتوي قلوبنا بكل ما فيها من تناقضات. نريد من يحبنا في لحظات قوتنا وضعفنا، في فرحنا وحزننا. ولكن الأهم من ذلك، أن نتعلم نحن أيضاً كيف نكون ذلك الشخص الذي يحتوي الآخرين. لأن الاحتواء ليس طريقاً ذا اتجاه واحد، بل هو جسر متين من التفاهم المتبادل.
دنيا مختار، بكلماتها العميقة، تذكرنا بأن احتواء القلب هو أعظم هدية يمكن أن نقدمها لأنفسنا وللآخرين. فهو ليس ضعفاً، بل قوة نادرة. قوة تمنحنا الشجاعة لأن نكون صادقين مع ذواتنا، ولأن نفتح أبواب قلوبنا دون خوف من الجروح. لأن القلب الذي يعرف كيف يحتوي، هو القلب الذي يعرف كيف يحب بحق.
في النهاية، احتواء القلب هو اختيار يومي. اختيار أن نعيش بحب، أن نغفر، أن نتفهم، وأن نبقى دائماً مصدراً للدفء في حياة من حولنا. لأنه عندما يحتوي القلب، فإنه لا يغير حياة الآخرين فقط، بل يغير عالمه الخاص أيضاً، ويجعله مكاناً أجمل وأكثر إشراقاً.
في زحمة الحياة وتدافع الأيام، يبقى القلب هو الملاذ الأخير الذي نلجأ إليه بحثاً عن السلام والطمأنينة. فالقلب ليس مجرد عضلة تضخ الدماء في أجسادنا، بل هو وعاء للمشاعر والأحاسيس، يحمل في طياته كل ما يعجز اللسان عن التعبير عنه.
احتواء القلب هو فن من فنون الحياة، يحتاج إلى حكمة وصبر. فليس كل قلب مفتوحاً لكل الناس، وليس كل مشاعر تُعطى لمن لا يستحقها. القلب مثل الزهرة الرقيقة، يحتاج إلى من يسقيه بماء المحبة، ويحميه من رياح القسوة.
دنيا مختار، بقلمها الرائع، تذكرنا بأن احتواء القلب لا يعني أن نسمح للآخرين بأن يجرحونا أو يستغلوا مشاعرنا. بل هو أن نختار بعناية من نفتح له أبواب قلوبنا، ومن نمنحه ثقتنا وحبنا. فالقلب الذي يحتوي الآخرين بحكمة هو قلب قوي، يعرف متى يعطي ومتى يحمي نفسه.
في علاقاتنا مع الآخرين، يجب أن نتعلم كيف نوازن بين العطاء والحماية. فليس من الحكمة أن نعطي كل شيء دون حدود، كما أنه ليس من العدل أن نغلق قلوبنا أمام كل من يطرق بابها. الحياة تدور حول التوازن، والقلب الذي يتعلم هذا التوازن هو القلب الذي يعيش بسعادة ورضا.
أحياناً، يحتاج القلب إلى أن يفرغ ما بداخله من هموم وأحزان، وهذا لا يعني الضعف، بل هو قوة. فالاعتراف بالمشاعر والتعبير عنها هو خطوة نحو الشفاء والنمو. احتواء القلب يعني أيضاً أن نسمح لأنفسنا بأن نشعر بكل شيء، دون خوف أو خجل.
في النهاية، القلب هو هبة من الله، يجب أن نحافظ عليه ونعتني به. لنكن كالحديقة التي تختار بعناية الزهور التي تزرعها، فبعض الزهور تبهج القلب، وبعضها قد تؤذيه. احتواء القلب هو أن نعيش بحكمة، نحب بصدق، ونحمي أنفسنا بذكاء.
فليكن قلبك واحة للأمل، وملاذاً للحب، ولكن لا تنسَ أن تحيطه بسياج من الحكمة، حتى يبقى مصدراً للفرح والسلام.